Wednesday, June 1, 2011

Faedah Kalimah لاإله الا الله

لا إله إلا الله


كلمة نجاة... منهج حياة



أولاً : لا إله إلا الله ... كلمة نجاة


هل تساءلت يا أخي يوماً: ماذا تريد من هذه الحياة؟ وماذا يريد الله من إيجادنا في هذه الحياة؟

لا شك أنك وكل إنسان على ظهر الأرض تبحث عن السعادة والطمأنينة وسكون النفس، ولا شك أن هذا الأمر لا يتحقق إلا بحصول التوافق بين إرادتنا وبين الغاية التي خلقنا الله من أجلها وركب صورتنا لتحقيقها.. قال تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾(الذاريات: 56) ، ونحن خلقنا بلا إستشارة منا ولا رضاً كما نرحل عن هذه الدنيا بالموت دون إستشارة ولا رضا، وفيما بين البداية والنهاية نعيش أيضاً على ما فطرنا وجبلنا عليه إلا أن الله جعل لنا الإرادة والإختيار امتحانا واختباراً، وأرسل إلينا الرسل وأنزل عليهم الكتب إبلاغاً وإعذاراً، وأوحى إلى جميع الرسل دعوة واحدة لا تتغير، تبين للناس هذه الغاية التي خلقوا من أجلها وفطروا عليها ولا يسعدون إلا بحصولها: فقال الله:
﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾(النحل: 36) .

﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون﴾(الأنبياء: 25)

﴿وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون (26) إلا الذي فطرني فإنه سيهدين﴾
(الزخرف: 26-27)

قال العلماء: هي كلمة (لا إله إلا الله).
وقال عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه: ﴿أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يومٍ أليم﴾(هود: 26) ، وكذلك هود وصالح وغيرهم من الرسل – عليهم السلام- .
فما من رسول ولا نبي إلا وكان أول ما يقرع به أسماع قومه : ﴿اعبدوا الله ما لكم من إله غبره﴾(هود: 50)

فكلمة (لا إله إلا الله): هي دعوة الرسل أجمعين، وهي عنوان التوحيد، وهي العروة الوثقى، وهي كلمة النجاة.


قال صلى الله عليه وسلم:


(من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)


فهل هي مجرد كلمة تقال ونفعل بعد ذلك ما نفعل...؟





ثانياً : لا إله إلا الله ... منهج حياة


﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِ العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ﴾(الأنعام: 162/163)

فكلمة التوحيد ليست مجرد كلمة تقال أو أفكار تعتنق فحسب، بل الإيمان علم وعمل، عقيدة وشريعة، فهو إيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدرخيره وشره، وهو طاعة لله وإخلاص، واتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانقياد، وهو حب لله وشوق له وخوف منه وحده ورجاء لفضله، وهو دعاء وتضرع وخضوع واستسلام لله وحده، وهو شكر للنعم وصبر على البلاء وعلى الطاعة وبعد عن الشهوات.

وهو صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد، وهو ذبح ونذر وحلف بالله وحده لا شريك له، وهو تحري الحلال وترك الحرام في المأكل والمشرب والملبس والمكسب، وهو بر الوالدين وصلة الأرحام وإحسان إلى الجيران وحسن خلق مع كل الناس من وفاء بالعهد وأداء الأمانة وترك للغش، وهو اجتناب للربا والرشوة والقمار والغش، وهو تحاكم إلى شرع الله والتزام به والرضا بحكمه، وهو غض البصر وحفظ للفرج وحجاب وستر للعورة، وهو دعوة إلى الله ونصرة للدين وأمربالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة الشرع في الأرض كلها، وهو انتماء إلى حزب المؤمنين، حزب الله – يبحانه وتعالى – وترك أحزاب الضلال وأتباع الشيطان.





معنى لا إله إلا الله


قال تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾(محمد: 19) . فالعلم بمعنى (لا إله إلا الله) فرض على كل مكلف، والإله هو المعبود والذي (يفزع) إليه الخلائق في حوائجهم، فمعنى (لا إله إلا الله) أي: لا معبود بحق إلا الله، ولا يلجأ العباد ولا يتضرعون ولا يفزعون في كل ما ينوبهم إلا إلى الله وهو الذي تشتاق إليه النفوس وتميل إليه القلوب.

ومن هنا نعلم خطأ من ظن أن معنى الإله أنه القادر على الخلق والإختراع فحسب، حيث أن (المشركين) كانوا يقرون بذلك، قال تعالى : ﴿قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل ألا تتقون (31) فذلكم الله ربكم الحق﴾(يونس: 31/32) وإنما طالبتهم رسلهم بأن يقروا بأنه لا يستحق العبادة إلا الله، فمن أقر بوجود الله ثم عبد غيره أو كذب رسله فهو كافر بالله مخلد في النار وكذلك من دعا غير الله أو استغاث به أو ذبح له من دون الله بعد بلوغ الحجة.

وكلمة (لا إله إلا الله) تتضمن الكفر بالطاغوت في شقها الأول(لا إله) وهي نفي الإلهية واستحقاق العبادة عن كل أحد دون الله، وتتضمن الإيمان بالله في شقها الثاني (إلا الله).
قال تعالى : ﴿فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ﴾
(البقرة: 256)

Faedah Kalimah لاإله الا الله

لا إله إلا الله


كلمة نجاة... منهج حياة



أولاً : لا إله إلا الله ... كلمة نجاة


هل تساءلت يا أخي يوماً: ماذا تريد من هذه الحياة؟ وماذا يريد الله من إيجادنا في هذه الحياة؟

لا شك أنك وكل إنسان على ظهر الأرض تبحث عن السعادة والطمأنينة وسكون النفس، ولا شك أن هذا الأمر لا يتحقق إلا بحصول التوافق بين إرادتنا وبين الغاية التي خلقنا الله من أجلها وركب صورتنا لتحقيقها.. قال تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾(الذاريات: 56) ، ونحن خلقنا بلا إستشارة منا ولا رضاً كما نرحل عن هذه الدنيا بالموت دون إستشارة ولا رضا، وفيما بين البداية والنهاية نعيش أيضاً على ما فطرنا وجبلنا عليه إلا أن الله جعل لنا الإرادة والإختيار امتحانا واختباراً، وأرسل إلينا الرسل وأنزل عليهم الكتب إبلاغاً وإعذاراً، وأوحى إلى جميع الرسل دعوة واحدة لا تتغير، تبين للناس هذه الغاية التي خلقوا من أجلها وفطروا عليها ولا يسعدون إلا بحصولها: فقال الله:
﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾(النحل: 36) .

﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون﴾(الأنبياء: 25)

﴿وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون (26) إلا الذي فطرني فإنه سيهدين﴾
(الزخرف: 26-27)

قال العلماء: هي كلمة (لا إله إلا الله).
وقال عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه: ﴿أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يومٍ أليم﴾(هود: 26) ، وكذلك هود وصالح وغيرهم من الرسل – عليهم السلام- .
فما من رسول ولا نبي إلا وكان أول ما يقرع به أسماع قومه : ﴿اعبدوا الله ما لكم من إله غبره﴾(هود: 50)

فكلمة (لا إله إلا الله): هي دعوة الرسل أجمعين، وهي عنوان التوحيد، وهي العروة الوثقى، وهي كلمة النجاة.


قال صلى الله عليه وسلم:


(من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)


فهل هي مجرد كلمة تقال ونفعل بعد ذلك ما نفعل...؟





ثانياً : لا إله إلا الله ... منهج حياة


﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِ العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ﴾(الأنعام: 162/163)

فكلمة التوحيد ليست مجرد كلمة تقال أو أفكار تعتنق فحسب، بل الإيمان علم وعمل، عقيدة وشريعة، فهو إيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدرخيره وشره، وهو طاعة لله وإخلاص، واتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانقياد، وهو حب لله وشوق له وخوف منه وحده ورجاء لفضله، وهو دعاء وتضرع وخضوع واستسلام لله وحده، وهو شكر للنعم وصبر على البلاء وعلى الطاعة وبعد عن الشهوات.

وهو صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد، وهو ذبح ونذر وحلف بالله وحده لا شريك له، وهو تحري الحلال وترك الحرام في المأكل والمشرب والملبس والمكسب، وهو بر الوالدين وصلة الأرحام وإحسان إلى الجيران وحسن خلق مع كل الناس من وفاء بالعهد وأداء الأمانة وترك للغش، وهو اجتناب للربا والرشوة والقمار والغش، وهو تحاكم إلى شرع الله والتزام به والرضا بحكمه، وهو غض البصر وحفظ للفرج وحجاب وستر للعورة، وهو دعوة إلى الله ونصرة للدين وأمربالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة الشرع في الأرض كلها، وهو انتماء إلى حزب المؤمنين، حزب الله – يبحانه وتعالى – وترك أحزاب الضلال وأتباع الشيطان.





معنى لا إله إلا الله


قال تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾(محمد: 19) . فالعلم بمعنى (لا إله إلا الله) فرض على كل مكلف، والإله هو المعبود والذي (يفزع) إليه الخلائق في حوائجهم، فمعنى (لا إله إلا الله) أي: لا معبود بحق إلا الله، ولا يلجأ العباد ولا يتضرعون ولا يفزعون في كل ما ينوبهم إلا إلى الله وهو الذي تشتاق إليه النفوس وتميل إليه القلوب.

ومن هنا نعلم خطأ من ظن أن معنى الإله أنه القادر على الخلق والإختراع فحسب، حيث أن (المشركين) كانوا يقرون بذلك، قال تعالى : ﴿قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل ألا تتقون (31) فذلكم الله ربكم الحق﴾(يونس: 31/32) وإنما طالبتهم رسلهم بأن يقروا بأنه لا يستحق العبادة إلا الله، فمن أقر بوجود الله ثم عبد غيره أو كذب رسله فهو كافر بالله مخلد في النار وكذلك من دعا غير الله أو استغاث به أو ذبح له من دون الله بعد بلوغ الحجة.

وكلمة (لا إله إلا الله) تتضمن الكفر بالطاغوت في شقها الأول(لا إله) وهي نفي الإلهية واستحقاق العبادة عن كل أحد دون الله، وتتضمن الإيمان بالله في شقها الثاني (إلا الله).
قال تعالى : ﴿فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ﴾
(البقرة: 256)

Batas2 Solat berjamaah

الشيخ محمد صالح العثيمين
حدود صلاة الجماعة للإمام والمأموم ـ فضيلة تطبيق شريعة الله - الشيخ محمد صالح العثيمين

أضيف بتاريخ : 30 / 11 / 2009

حدود صلاة الجماعة للإمام والمأموم ـ فضيلة تطبيق شريعة الله


أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالي بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة و تركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يذيق عنها إلا هالك فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بأحسن إلى يوم الدين

أما بعد


فيا أيها الناس اتقوا الله تعالي وتعلموا حدود ما انزل الله على رسوله لتعبدوا ربكم على بصيرة وبرهان فان الله عز وجل يقول في كتابه (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وصدق الله عز وجل فانه لا يستوي من يعلم ومن لا يعلم لا يستوي من يعبد الله وهو يعلم كيف يعبده ويعلم انه يعبده على شريعة الله على سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يستوي هذا ومن يعبد الله وهو يجهل ذلك أيها الناس متى علمتم حدود ما انزل الله فإنها قد قامت عليكم الحجة وزالت عنكم الشبهة فاتقوا الله في التزام حدوده ما استطعتم وطبقوا حدوده كما علمتم (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) لا تأخذكم في ذلك لومه لائم ولا انتقاد منتقد (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أيها الناس إن من حدود ما انزل الله على رسوله حدود صلاة الجماعة حيث حد للإمام فيها حيث حد للإمام فيها والمأموم ما لم يكن محدودا في حالة الانفراد وكل واحد من الإمام والمأموم مسئول عن ما يختص به فمن مسئوليات الإمام أن يحرص على إكمال الصلاة بحيث تكون مثل صلاة النبي صلي الله عليه وسلم في أصاحبه فان صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم أتم صلاة و أخفها كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه (ما صليت وراء إماما قط أتم صلاة ولا أخف صلاة من رسول الله صلي الله عليه وسلم) فالإمام لو صلى وحده لكان له الخيار لكان له الخيار بين أن يقتصر على أقل واجبا في الصلاة وبين أن يفعل أعلى مطلوبا فيها ولكنه إذا صلي بالجماعة فأنه أمين و أمين وراعي عليهم ولا يكون مخيرا في ذلك بل يجب عليه أن يراعي من خلفه بحيث يتمكنون من فعل أدنى الكمال في صلاتهم وذلك لأنه لا يصلي لنفسه فحسب وإنما يصلي لنفسه ولمن خلفه فليتقي الله فيهم ولا يحرمهم من فعل أدنى الكمال خلفه وإن ترقى في صلاته إلا أن تكون صلاته كصلاة النبي صلي الله عليه وسلم فهو أكمل وأطيب ومن مسئولية ومن مسئوليات الإمام أيضا أن يحرص على أقامة الصفوف وتسويتها بالقول وبالفعل إذا لم يفد القول فيأمرهم بتسوية إقامة الصفوف ويؤكد ذلك عليهم ويتوعدهم بعقوبة الله على مخالفتها ويسويها بيده إذا لم ينفع ذلك بالقول كما كان نبينا وإمامنا وغدوتنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يفعل ذلك فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( سووا فأن تسوية الصف من تمام الصلاة ) أخرجه البخاري ومسلم وللبخاري فأن تسوية الصف من إقامة الصلاة ولأبي داود: ( رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق) وله أيضا من حديث بن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات الشيطان) يعني الفضاء بين الرجلين فأن الشيطان يدخل بين الرجلين إذا كان بينهما فرجه قال النبي صلي الله عليه وسلم: (ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله) وفي الصحيحين صحيحي البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم بوجه يعني التفت وصارت القبلة وراء ظهره والتفت التفاتا كاملا بوجه إلا الناس وقال أقيموا صفوفكم وتراصوا) وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى رآنا أنا قد عقلنا عنه ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر فرأى رجل بادئا صدره من الصف فقال صلي الله عليه وسلم:( عباد الله لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجهوكم) أي بين قلوبكم كما في رواية لأبي داود وهذا أيها المسلمون هذا وعيد شديد على من لا يسوون الصفوف أن يخالف الله بين قلبوهم فتختلف وجهات نظرهم وتضيع مصالحهم بسب اختلافهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلا ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) وقال النعمان بن بشير رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يسوي يعني صفوفنا إذا قمنا للصلاة فإذا استوينا كبر ) روهما أبو داود أيها المسلمون انتبهوا إلا قوله فإذا استوينا كبر هذه جملة الشرطية تجدوها صريحة في أنه صلي الله عليه وسلم لا يكبر للصلاة حتى تستوي الصفوف ولقد أدرك ذلك خلفائه الراشدون والأئمة المتبعون لرسول الله صلي الله عليه وسلم ففي الموطأ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأمر بتسوية الصف فإذا جاءووه فأخبروه بأن الصفوف استوت كبر وكان قد وكل رجل بتسوية الصف قال مالك بن أبي عامر كنت مع عثمان بن عفان فقامت الصلاة وأنا أكلمه يعني في حاجة حتى جاء رجال كان قد وكلهم بتسوية الصفوف فأخبره أن الصفوف قد استوت فقال لي أستوي في الصف ثم كبر فهذا أيها المسلمون فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا فعل خلفائه الراشدين لا يكبرون للصلاة حتى تستوي الصفوف أفليس من الجدير بنا أن يكون لنا فيهم أسوه أن نأمر بتسوية الصفوف وأقامتها وأن ننتظر فلا نكبر للصلاة حتى نراهم قد استووا على الوجه المطلوب وأن لا وأن لا نخشى في ذلك لومة لائم أو تضجرا متضجر ولكن مع الأسف الشديد أن كثيرا من الأئمة فتح الله علينا وعليهم لا يولي هذا الأمر عناية وغاية ما عنده أن يقولها كلمة عند استووا اعتدلوا فلا يشعر نفسه بالمقصود بها ولا يبالي من خلفه بها ولا يأتمرون بها تجده يقول استووا اعتدلوا يقول ذلك وهم باقون على اعوجاجهم وتباعد بعضهم من بعض ولا يأمرهم ولا يأمرهم بالاعتدال والتراص ولو أن الإمام شعر بالمقصود ونظر إلا الصفوف بعينه وانتظر حتى يراهم استووا استوائنا كاملا ثم كبر لبرئت ذمته وخرج من المسئولية وصار من أتباع رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا الأمر أيها المسلمون إن كثير من الأئمة يأخذهم الجبن والخجل من أن يقفوا حتى يسووا الصفوف فتجده يخشى أن يتضجر متضجر أو يقول قائل لماذا لا تكبر من حين أن تقام الصلاة وجوابنا على ذلك أن ننصح مثل هذا الإمام أن يفعل أن يفعل مثلما فعل الرسول نقول له أفعل كما فعل نبيك محمد صلي الله عليه وسلم لا تكبر للصلاة حتى تتيقن أو يغلب على ظنك أن الصفوف قد استوت استواءً لا تقدم فيه ولا تأخر واستوت استواءً يتراصون فيه ويسدون الخلل واستوت استواء يكملون فيه الأول فالأول حتى تكون بذاك مقتديا برسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال: ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها قالوا وكيف تصف الملائكة عند ربها قال يتراصون ويكملون الأول فالأول) أيها الأئمة أيها الأئمة أنكم مسئولون أمام الله عز وجل في من في من ولاكم الله وأسترعاكم عليه من المأمومين فاتقوا الله في أداء المسئولية أما المأموم فأنه لو كان يصلي وحده لكان مخيرا بين أن يقتصر على أدنى واجبا في صلاته أو أن يطول فيها وإن كان الأفضل به مراعاة السنة ولكن إذا كان مع الإمام فقد ارتبطت صلاته بصلاة إمامه فلا يجوز أن يتقدم على الإمام بالتكبير ولا بالقيام والقعود ولا بالركوع ولا السجود ولا يأتي بذلك مع الإمام أيضا وإنما يأتي به بعده متابعا له فلا يتأخر عنه أستمع أيها المأموم إلى هذا الوعيد من رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال: ( أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار) أما تخشى من هذه العقوبة أيها المسابق للإمام وقال صلي الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليأتم به فلا تختلفوا عليه فإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمدا فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلي جالسا فصلوا جلوسا أجمعون) ومن مسئوليات المأموم المحافظة على تسوية الصفوف وأن يحذر من العقوبة على من لم يسوها وأن يحافظ على المراصة فيها وسد خللها والمقاربة بينها ووصلها بتكميل الأول فالأول وأن يحذر من عقوبة قطع أن يحذر من عقوبة قطع الصفوف فأن من قطع صفا قطعه الله ففي والصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( لو يعلم الناس ما في النداء يعني الآذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه يعني يقترعوا عليه لاستهموا ) وقال صلي الله صلي الله عليه وسلم ( خير صفوف الرجال أولها وشرها أخرها) وقال صلي الله عليه وسلم : (أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر) رواه أبو داود ورأى صلي الله عليه وسلم في أصحابه تأخرا وفي لفظ رأى قوما في مؤخر المسجد فقال: ( تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يأخرهم الله ) فهل ترضى أيها المسلم لنفسك أن تكون في أن تكون في شر الصفوف وهو آخرها مع تمكنك من أولها هل ترضى لنفسك أن تتعرض للعقوبة بالتأخر عن مقدم الصفوف حتى يؤخرك الله في جميع مواقف الخير هل ترضى لنفسك أن لاتصف بين يدي ربك كما تصف الملائكة عند ربها يتراصون في الصف ويكملون الصفوف المقدمة أيها المسلمون أنني أعتقد أنه ما من إنسانا يرضى لنفسه بذلك إلا من رضي لها بالخسران فتقدموا أيها المسلمون إلى الصفوف واكملوا الأول فالأول وتراصوا فيها وتراصوا فيها وتساوى ولينوا بأيدي إخوانكم إذا جذبوكم لتسوية الصف أو للتراص فيه لتتموا صلاتكم جميعا وتمتثلوا أمر نبيكم صلي الله عليه وسلم وتقتفوا أثر سلفكم الصالح ومن وجد الصف تاما ولم يجد له مكانا فيه فليصلي خلفه ولا حرج عليه ومن صلي وحده خلف الصف وهو يجد مكانا فيه فلا صلاة له وإذا أجتمع ثلاثة فأكثر فصلي بهم أحدهم فليتقدم عليهم وإذا كانوا يصلون على بساط و نحوه أو في مكانا ضيق لا يتسع لتقدم الإمام عليهم فليصلوا صفا واحدا وليكون الإمام بينهم ولا يكون عن يسار ولا يكون الإمام عن يسارهم وهم كلهم عن يمينه بل الأفضل أن يكون بينهم واحد على يمينه والثاني على يساره أو اثنان على يمينه واثنان على يساره وهكذا ولكن لو كانوا أربعة فلا يمكن أن يتقدمهم الإمام صار اثنان عن يمنه وواحد عن يساره لأن اليمين أفضل إذا كان الصف متقاربا أو متساويا فاتقوا الله عباد الله اعرفوا حدود ما أنزل الله على رسوله وإذا وقف المأموم مع الإمام فـأنه يكون مساويا له ولا يتقدم عليه لأنه إذا وقف المأموم مع الإمام صار ذلك صفا ومن المعلوم أن الصفوف تكون متساوية ولا يتقدم أحد عن أحد وما ذكره بعض أهل العلم من أنه إذا كان إمام ومأموم فإن الإمام يتقدم قليلا فأن هذا لا صحة له ولا أصل له من كتاب الله وسنة رسوله وإنما السنة تدل على أن الصف يكون متساويا سواء كان ذلك في المأمومين أو في الإمام مع المأموم الواحد اسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعا ممن يعرفون حدود الله ويطبقونها اسأل الله أن يجعلنا ممن قال فيهم (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم و لكافة المسلمين من كل ذنب فأستقفروه أنه هو الغفور الرحيم . الحمد لله حمد كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولي وأشهد أن محمد وأشهد أن محمدا عبد ه ورسوله المصطفي وخليله المجتبي صلي الله عليه وعلى أله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما

أما بعد


أيها الناس اتقوا الله تعالى وما علمتم من شريعة الله فطبقوه على أنفسكم وعلى من لكم عليه ولاية بقدر المستطاع فأن الله يقول (_فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أيها المسلمون أن من إخواننا الأئمة من إذا صلوا يفتحون مكبر الصوت حتى تسمع أصواتهم من المنارة ولا شك أن هذا يحصل فيه أذية وتشويش على من حولهم من المساجد وعلى من حولهم من البيوت وقد سمعنا أن بعض المساجد القريبة أن بعض المساجد القريبة من هذا المسجد الذي يرفع الصوت من على المنارة يتشوشون ولا يستطيعون أن ينصتوا لقراءة إمامهم حتى إن بعضهم لما سمع قول المسجد المجاور ولا الضالين قال آمين وحتى أن بعضهم إذا كان المسجد المجاور حسن الصوت والقراءة صار يستمع إليه وترك الاستماع إلا إمامه وحتى إن بعضهم ركع أو سجد تبعا لما يسمعه من صوت المسجد المقارب ولا شك أن هذا أمر قد يأثم الإنسان عليه لأنه معصية لرسول الله صلي الله عليه وسلم أنه لا تقع لا تقع مشكلة إلا وفي الكتاب والسنة حل حلها ولله الحمد هذه المسألة قد يقول قائل كيف وقعت في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم حتى تقولوا إن ذلك معصية إن ذلك معصية له ونحن نقول أنه قد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم حديثان أخرج أحده أخرج أحدهما مالك في الموطأ والثاني أبو داود في سننه أن النبي صلي الله عليه وسلم خرج ذات ليلة ووجد أصحابه يقرءون ويجهر بعضهم على بعضا في القرآن وهم يصلون فنهاهم عن ذلك وقال: ( لا يجهرن بعضكم على بعض في القرآن فكلكم يناجي ربه) يعني فلتكن مناجاتكم مع الله أنكم لا تناجون أقول إن هؤلاء لا يناجون لا يناجون عباد الله وإنما يناجون الله عز وجل وفي الحديث الآخر قال لا يؤذين بعضكم بعضا في القراءة فجعل النبي صلي الله عليه وسلم جعل ذلك أذية وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم وأي أذية أعظم من أن يسد الإنسان المأمومين في المسجد الآخر عن الاستماع لقراءة إمامهم أو عن متابعة أو يشوش عليهم وهم ركوع أو سجود إن الإنسان العاقل دون أن يكون في ذلك نص يعرف أن هذا أمر فيه عدوان على غيره ولا يمكن أن يفعل هذا وأننا إذا تأملنا لم نجد في رفع الصوت من على المنارة فائدة أصلا بل فيه مضرة و لقد تقدم إلي بعض الناس بالشكاية من هذا وقال إن هؤلاء إن هؤلاء يدعون الناس إلي الكسل فأننا إذا قلنا لأولادنا قوموا صلوا هذا توا في أول الصلاة وما أشبه ذلك حتى إذا لم يبقي إلا ركعة خرجوا وربما تفوتهم الركعة ففيه أمور كما يعبر الناس اليوم أمور سلبية تخل على كثيرا من الناس منها ما أشرت إليه إن بعض الناس سوف يتأخر في الخروج من بيته حتى يكون الإمام في آخر ركعة ومنها أن بعض الناس إذا سمعه في آخر آيه ذهب يسعى شديدا وقد نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن السعي شديدا بل نهى عن السعي مطلقا فقال: ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلي الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ولقد شكا إلي بعض الناس أمر آخر وهو أن بعض الأخوة أن بعضهم يقيم الصلاة في المكرفون من على سطح من على المنارة ولكنني لا أرى مانعا في هذا لأن الحديث الذي ذكرته الآن إذا سمعتم الإقامة يدل على إن الإقامة إقامة مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم تسمع من خارج المسجد وهذا لا بأس به إذا فالذي يقيم الصلاة في المنارة أي من على المنارة لا بأس به أما الذي يرفع الصلاة من على المنارة فلاشك أنه يؤذي من حوله ويشوش عليهم فاتقوا الله أيها الأئمة اتقوا الله في أنفسكم لا تسدوا إخوانكم المأمومين في المساجد الأخرى عن متابعة أئمتهم ثم إن هناك مفسدة أخرى في البيوت فالبيوت في السطوح الناس كثيرا منهم في السطوح أو في الأحواش وربما يشوش على من يصلي في البيت أيضا وهذا أمر آخر فاتقوا الله أيها المسلمون ولا يتابع بعضكم بعضا إلا فيه إلا في ما فيه مصلحه أما ما لا مصلحة فيه أو فيه مفسدة وأذية لإخوانكم فتنهوا عنه فأنه من الأمور التي لا ينبغي للمسلم أن يمارسها أسأل الله عز وجل أن يرزقني وإياكم يقظة وحكمة وفطنةً للأمور واستدركنا لما يخشى من لما يخشى منه المفسدة أنه جواد كريم واعلموا أيها المسلمون إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعه وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فان يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عليه وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فسمعنا لك اللهم ربنا وطاعة اللهم صلي وسلم على نبيك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا للإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا أن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .

المفاضلة بين التهليل والتسبيح

مفاضلة بين التهليل والتسبيح

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/206-208):
والمراد بقوله: ((وإن كانت مثل زبد البحر)) الكناية عن المبالغة في الكثرة، قال عياض: قوله: ((حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) مع قوله في التهليل: ((محيت عنه مائة سيئة)) قد يشعر بأفضلية التسبيح على التهليل؛ لأن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة. لكن تقدم في التهليل ((ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به)) فيحتمل أن يجمع بينهما، بأن يكون التهليل أفضل، وأنه بما زيد من رفع الدرجات، وكتب الحسنات، ثم ما جعل مع ذلك من فضل عتق الرقاب قد يزيد على فضل التسبيح، وتكفيره جميع الخطايا؛ لأنه قد جاء ((من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار)) فحصل بهذا العتق تكفير جميع الخطايا عموما، بعد حصر ما عدد منها خصوصا، مع زيادة مائة درجة، وما زاده عتق الرقاب الزيادة على الواحدة، ويؤيده الحديث الآخر ((أفضل الذكر التهليل)) وأنه أفضل ما قاله والنبيون من قبله، وهو كلمة التوحيد والإخلاص، وقيل: إنه اسم الله الأعظم.
وقد مضى شرح التسبيح، وأنه التنزيه عما لا يليق بالله، وذلك داخل في ضمن (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) انتهى ملخصا.
قلت: وحديث ((أفضل الذكر لا إله إلا الله)) أخرجه الترمذي والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم من حديث جابر، ويعارضه في الظاهر حديث أبي ذر قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله؟ قال: ((إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده)) أخرجه مسلم، وفي رواية: سئل أي الكلام أفضل؟ قال: ((ما اصطفاه الله لملائكته، سبحان الله وبحمده)).
وقال الطيبي في الكلام على حديث أبي ذر: فيه تلميح بقوله تعالى حكاية عن الملائكة: ) وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ( (البقرة: من الآية30)، ويمكن أن يكون قوله: ((سبحان الله وبحمده)) مختصرا من الكلمات الأربع وهي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ لأن ((سبحان الله)) تنزيه له عما لا يليق بجلاله، وتقديس لصفاته من النقائص، فيندرج فيه معنى لا إله إلا الله.
وقوله: (وبحمده) صريح في معنى (والحمد لله)؛ لأن الإضافة فيه بمعنى اللام في الحمد، ويستلزم ذلك معنى (الله أكبر)؛ لأنه إذا كان كل الفضل والإفضال لله ومن الله، وليس من غيره شيء من ذلك، فلا يكون أحد أكبر منه، ومع ذلك كله فلا يلزم أن يكون التسبيح أفضل من التهليل؛ لأن التهليل صريح في التوحيد، والتسبيح متضمن له؛ ولأن نفي الآلهة في قول: (لا إله) نفيٌ لِمُضْمَنِهَا من فعل الخلق والرزق والإثابة والعقوبة.
وقول: (إلا الله) إثبات لذلك، ويلزم منه نفي ما يضاده ويخالفه من النقائص، فمنطوق (سبحان الله) تنزيه، ومفهومه توحيد، ومنطوق (لا إله إلا الله) توحيد، ومفهومه تنزيه، يعني فيكون (لا إله إلا الله) أفضل؛ لأن التوحيد أصل، والتنزيه ينشأ عنه، والله أعلم.
وقد جمع القرطبي بما حاصله: أن هذه الأذكار إذا أطلق على بعضها أنه أفضل الكلام، أو أحبه إلى الله، فالمراد إذا انضمت إلى أخواتها؛ بدليل حديث سمرة عند مسلم: ((أحب الكلام إلى الله أربع، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)) ويحتمل أن يكتفي في ذلك بالمعنى، فيكون من اقتصر على بعضها كفى؛ لأن حاصلها التعظيم والتنزيه، ومن نزهه فقد عظمه، ومن عظمه فقد نزهه، انتهى.
وقال النووي: هذا الإطلاق في الأفضلية محمول على كلام الآدمي، وإلا فالقرآن أفضل الذكر.
وقال البيضاوي: الظاهر أن المراد من الكلام كلام البشر؛ فإن الثلاث الأول وإن وجدت في القرآن، لكن الرابعة لم توجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه.
قلت: ويحتمل أن يجمع بأن تكون (مِنْ) مضمرة في قوله: (أفضل الذكر لا إله إلا الله) وفي قوله: (أحب الكلام) بناء على أن لفظ أفضل وأحب متساويان في المعنى، لكن يظهر مع ذلك تفضيل (لا إله إلا الله)؛ لأنها ذكرت بالتنصيص عليها بالأفضلية الصريحة، وذكرت مع أخواتها بالأحبية، فحصل لها التفضيل تنصيصا وانضماما، والله أعلم.
وأخرج الطبري من رواية عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (إن الرجل إذا قال: لا إله إلا الله، فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله عملا حتى يقولها، وإذا قال: الحمد لله، فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد حتى يقولها) ومن طريق الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: (من قال لا إله إلا الله، فليقل على إثرها الحمد لله رب العالمين).
تكميل: أخرج النسائي بسند صحيح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال موسى: يا رب علمني شيئا أذكرك به، قال: قل: لا إله إلا الله)) الحديث، وفيه ((لو أن السماوات السبع وعامرهن، والأرضين السبع، جُعِلْنَ في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، لمالت بهن لا إله إلا الله)) فيؤخذ منه أن الذكر بلا إله إلا الله أرجح من الذكر بالحمد لله، ولا يعارضه حديث أبي مالك الأشعري رفعه ((والحمد لله تملأ الميزان)) فإن الملء يدل على المساواة، والرجحان صريح في الزيادة، فيكون أولى، ومعنى (ملء الميزان) أن ذاكرها يمتلئ ميزانه ثوابا.
وذكر ابن بطال عن بعض العلماء أن الفضل الوارد في حديث الباب وما شابهه، إنما هو لأهل الفضل في الدين، والطهارة من الجرائم العظام، وليس من أصر على شهواته، وانتهك دين الله وحرماته بلا حق، بالأفاضل المطهرين في ذلك، ويشهد له قوله تعالى:)أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ( (الجاثـية:21).